الشخصيات القرآنية ودورها في تشكيل بنية القصيدة العراقية المعاصرة
يُعدُّ التَّفاعلُ مَعَ مَضامينَ القُرآنِ وأشْكالهِ ، تَركيبياً ودَلالياً ، وتَوظيفِها في النَّصوص الأدبيَّةِ بوساطةِ آلية مِنْ آلياتً شتى ، جُزءاً مِمّا يُسمى بالتَّفاعلِ مَعَ التُّراثِ الدِّينيّ بأنماطِه المُتعددةِ ، إذ لفتَ القرآنُ الكريمُ أنْظارَ المُتلقينَ منذُ زَمنٍ بَعيد ، ومازالَ يَمارسُ الهيمنةَ الرّوحيةَ ، والجماليةَ إلى يومنا هذا ، لذا فأخَذَ الشّعراءُ يَنهلونَ مِنْ ثرائِهِ الفِكْري بكيفياتٍ شتى ، ليضفوا على نَصوصهم قدسيةً عاليةً ، ورُوحانيةً فذةً عَنْ طريقِ انفتاحِهم على هَذا التراث المقدس وهم يعيدونَ كتابتَه في نصوصِهم ، لكونه النص الذي لايزالُ عالقاً بالذَّاكرةِ العربيَّةِ ، لخصوصيتِهِ ، وتميزهِ ، وغناه الدَّلاليّ ، والتَّاريخي ، واحْتوائهِ العديدِ مِنْ العِبْرِ ، والأحداثِ والقِصِّصِ المَليئةِ بالإيحاءاتِ ، التي تَدفعُ الشَّاعرَ إلى الاقتباسِ مِنْها بما يُلائم تَجربتهُ الشِّعريِّةِ ، فتارة يتَّخذُ مِنْ النَّصِّ القُرْآنيّ بما هو دَونَ أنْ يَضفي عليه أيَّ مسحةٍ تَركيبيَّةٍ أو دَلاليَّةٍ ، وَتارةً يُعيدُ تَشكيلهُ بَما يَتوافقُ مَعَ تَجربتهِ والمُعْطَياتِ التي يُريدُ التَّعبيرَ عَنْها ، وَلَمْ يَكنْ الشَّاعرُ العراقي المُعاصِر يَسيرُ بمنأى مُختلَفٍ عَنْ خطى الشّعراء السابقينَ على مرِّ العصورِ في تعاملِه مَعَ النَّصِ القُرْآني .